منتدى واحة الديمغرافيا

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى علمي متميز يهتم بكل ما له علاقة بالسكان والديمغرافيا


    السكان و التغذية و التنمية الشمولية

    عمرو قضاض
    عمرو قضاض


    المساهمات : 97
    تاريخ التسجيل : 19/04/2013
    العمر : 69
    الموقع : a.kodade@yahoo.com

    السكان و التغذية و التنمية الشمولية Empty السكان و التغذية و التنمية الشمولية

    مُساهمة  عمرو قضاض الثلاثاء مايو 20, 2014 11:46 am

    التغذية هي أكثر الحاجيات الحيوية للفرد و للمجتمع. بدون إشباع متطلباتها الأساسية تظهر الأمراض الناجمة عن سوء و نقص التغذية و في حالة افتقاد المواد الغذائية الأساسية تظهر المجاعة التي تؤدي إلى الهلاك.
    كثيرا ما تشير عبارات مثل "قوت اليوم" و "لقمة العيش" و "سد الرمق" إلى ذلك الصراع الدءوب الذي يخوضه الإنسان من أجل الحصول على ما يكفي يومه من الغذاء.
    الافتقار إلى الملبس الملائم و السكن اللائق يعبر عن البؤس الاجتماعي بينما الافتقار إلى التغذية الصحية يعرض الإنسان إلى الموت المبكر.

    إن المشكل الغذائي الذي لا زال يطرح إلى يومنا هذا في العديد من مناطق المعمور و المعاناة من سوء التغذية عند شرائح مهمة من المجتمع هي في الواقع مظاهر للتخلف الاقتصادي.
    يكمن الحل النهائي لمشاكل التغذية و لمشاكل الفقر و البؤس و الهشاشة الاجتماعية في التطوير السريع للتنمية الاقتصادية.

    1. بني البشر يأكلون الطعام. إذن لا تصور للسكان في غياب التغذية و لا تغذية من غير سكان. العلاقة بين السكان و التغذية هي علاقة هوية.
    من المتفق عليه أن التزايد الهائل لسكان المعمور في العصر الحديث يعزى إلى التنمية الفلاحية و إلى التزايد المطرد للموارد الفلاحية.

    2. من الناحية التاريخية نشأت الفلاحة و بدأت  تتطور بفضل تمركز السكان و مزاولتهم للفلاحة على ضفاف الأنهار ( مصر القديمة – الصين – العراق القديم ) في إطار ما يسمى بالحضارات الهيدرولوجية. من جهة أخرى كان عدد السكان يتوقف على مستوى وفرة الحبوب و الموارد الفلاحية الأخرى. فالتوازن بين الديمغرافيا و التغذية لم يكن دائما سهلا و هو ما يفسر الأزمات الغذائية التي عرفها التاريخ كما حدث ذلك في أوروبا القرون الوسطى.

    3. في أواخر القرن الثامن عشر و بداية القرن التاسع عشر ظهرت نظرية مالتوس حول السكان و قالت باستحالة تغذية الساكنة المتزايدة باستمرار. غير أن تجربة البلدان التي بدأت في تطوير اقتصادها فندت مثل هذه المزاعم لأن اعتماد التقدم التقني في الفلاحة أدى إلى الرفع من قدرة الإنتاج الفلاحي. علاوة على ذلك سمحت "الثورة العلمية" و التحولات البنيوية في المؤسسات الاجتماعية التي تنظم عملية الإنتاج ( المرور من الاقطاعية إلى الرأسمالية ) بتطبيق مناهج الاستغلال الحديثة.
    من العوامل التي ساهمت في تنمية الفلاحة نذكر : إدخال و انتشار زراعات جديدة’ تقسيم الأراضي الزراعية إلى أجزاء متساوية و التناوب على زراعتها’ إختيار لأحسن البذور و المنوعات الوراثية’ تحسين الأدوات و التجهيزات الفلاحية’ تهيئة الأراضي الزراعية’ اعتماد الأسمدة ذات الجودة’ تحسين  طرق الري’...
    هذه العوامل جميعها سمحت بتفوق الإنتاج الغذائي على التزايد السكاني بحيث أن مردودية العامل الزراعي ارتفعت في أوروبا القرن التاسع عشر من 0,5 إلى 2 في المائة لتنتقل فيما بعد من 4 إلى 6 في المائة سنويا و تضاعف الإنتاج في الهكتار الواحد ثلاث مرات.

    4. قدم الخبراء في القرن الماضي تقديرات مهمة لتغذية سكان العالم بناء على فرضية اعتماد التكنولوجيا في الفلاحة. اعتبر "كولن كلارك" أن معدلات المردودية القوية التي وصلت إليها الفلاحة الحديثة و بالنظر إلى معدل النظام الغدائي في الولايات المتحدة الأمريكية يمكن للأرض في مجموع المعمور أن تغذي ما بين 35 و 47 مليار نسمة. من جهته قام "فريتز باد" بتقييم المساحة القابلة للزراعة في العالم و قدر بأنها من الممكن أن تغذي ما بين 30 إلى 38 مليار نسمة. أما الدراسات التي أنجزها "ملان" حول المساحات القابلة للزراعة و الغير المستعملة في العالم تحت عنوان " الموارد الأرضية و تغذية البشر’ 1967 ’ بالفرنسية) تفيد بإمكانية تغذية 63 مليار نسمة.


    خاتمة:
    تطوير الفلاحة شرط أساسي و مسبق لحل مشاكل التغذية و لتحسين الوضع الصحي للسكان. إن الترابط الوثيق الصلة بين التنمية الفلاحية و التنمية الصناعية يصبح ممكنا و أكثر قوة و مناعة عندما يتجه الاقتصاد إلى إحداث التغيير في التركيبة القطاعية لليد العاملة. ثم أن تنمية القطاعات الغير فلاحية لا تعني مغادرة الفلاحة و هجرة الأراضي و إخلاء القرى من السكان و لكن دعم التنمية الفلاحية من طرف القطاع الصناعي الذي يمدها بالأسمدة ذات الجودة العالية و باللآلات وبوسائل النقل و بالتجهيزات اللائقة لتخزين و توزيع و تسويق المنتجات الفلاحية.
        و تجدر الإشارة إلى أن التنمية الفلاحية بحكم موقعها في التنمية الشاملة من نتائجها الملحوظة تقليص الخصوبة بعد حين’ معيدة بذلك معدل التزايد السكاني إلى مستواه المعقول.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 5:27 pm