منتدى واحة الديمغرافيا

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى علمي متميز يهتم بكل ما له علاقة بالسكان والديمغرافيا


    الخصوبة البشرية

    عمرو قضاض
    عمرو قضاض


    المساهمات : 97
    تاريخ التسجيل : 19/04/2013
    العمر : 69
    الموقع : a.kodade@yahoo.com

    الخصوبة البشرية Empty الخصوبة البشرية

    مُساهمة  عمرو قضاض الجمعة يونيو 21, 2013 3:08 pm



    يتوقف بقاء النوع البشري على قيد الحياة على الخصوبة. و الخصوبة هي صيرورة معقدة يتم دراستها و تحديد تغيراتها في المجتمعات من خلال عوامل عضوية و عدد من المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
    يكون في البلدان حيث الخصوبة منخفضة المعدل الخام للولادة دون الثلاثين في الألف أو لا يتجاوز فيها المعدل الخام للتوالد 2,0. القاسم المشترك بين هذه البلدان هي أنها عرفت جميعها انخفاضا ملحوظا في الخصوبة نتيجة لتطورها.
    من الناحية التاريخية حصل المرور من خصوبة مرتفعة إلى خصوبة منخفضة ‘ حسب "نورمان رايدر" ( الخصوبة في البلدان النامية‘ ص 105‘ مؤلف بالانجليزية)  في فرنسا سنة 1830؛ في ايرلندا سنة 1840؛ في سويسرا و بلجيكا سنة 1880؛ في السويد و الدانمرك و انجلترا وبلاد الغال و زيلندا الجديدة سنة 1890؛ في ألمانيا و هولندا و النرويج و الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1900؛ في كندا و فنلندا و هنغاريا و تشيكوسلوفاكيا سنة 1910؛ في إيطاليا و اسبانيا و البرتغال سنة 1920؛ في بولونيا و بلغاريا و رومانيا سنة 1930؛ في الاتحاد السوفيتي (سابقا) سنة 1940؛ في اليابان و يوغوسلافيا سنة 1950.
    كذلك عرفت الخصوبة انخفاضا ملحوظا خلال القرن العشرين‘ لا سيما في النصف الثاني منه‘ في بلدان مثل الأرجنتين‘ الأرغواي‘ إسرائيل‘ الطايون‘ هونغ كونغ‘ موريس‘ بورتوريكو‘ سنغافورة‘ طوباغو و ترينيتي.
    بدأت الخصوبة تعرف تراجعا ملحوظا في معظم البلدان السائرة في طريق النمو في أواخر القرن العشرين و بداية القرن الواحد و العشرين بنسب متفاوتة و بحسب مستوى التطور الاقتصادي و الاجتماعي.

     في سنة 1995 بلغ مؤشر الخصوبة المركب‘ حسب البنك الدولي‘ 2,9 أطفال لكل امرأة بجميع البلدان في العالم‘منها 5 أطفال لكل امرأة بالبلدان المصنفة "ضعيفة الدخل"‘ عدا الصين و الهند‘ و 1,7 أطفال لكل امرأة  بالبلدان المصنفة "مرتفعة الدخل"‘  و 3 أطفال لكل امرأة بالبلدان المصنفة "متوسطة الدخل"  و 2 أطفال لكل امرأة في بلدان أوروبا و آسيا الوسطى‘ و 4,2 أطفال لكل امرأة في بلدان شمال أفريقيا و الشرق الأوسط‘ و 5,7 أطفال لكل امرأة في بلدان أفريقيا تحت الصحراء‘ و 3,5 أطفال لكل امرأة في بلدان جنوب آسيا.
    منذ سنة 1960 أخذ الفارق في المعدل الخام للولادة يتقلص بين البلدان حيث الخصوبة ضعيفة و البلدان حيث الخصوبة مرتفعة بحيث أن ما يقرب من نصف هذه الأخيرة سجلت انطلاقا من 1969 معدلات ولادة خامة تراوحت بين 16 و 18 ‰. نفس الشيء يلاحظ  عموما بالنسبة لمنحنيات المعدلات الخامة للتوالد في هذه البلدان. و تجدر الإشارة أن اليابان إلى حدود 1940 كان يعرف معدل خام للولادة يقدر ب 30 ‰ ‘ لكن انتشار وسائل منع الحمل في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي جعل هذا البلد يدخل سنة 1950 في خانة البلدان حيث الخصوبة منخفضة.
    انخفض معدل الولادة في بلدان شمال أفريقيا سنة 1995 إلى اقل من 30 ‰ باستثناء موريتانيا و ليبيا حيث سجل على التوالي 38 و 41 ‰ بينما سجل فيهما مؤشر الخصوبة المركب 5,2 و 6,1 أطفال لكل امرأة. في المغرب سجل هذا المؤشر 3,4 ؛ في الجزائر 3,5 ؛ في تونس 2,9 و في مصر3,4 أطفال لكل امرأة.
    هذه الأرقام للبنك الدولي توضح ان انخفاض الخصوبة في تونس هو أسرع منه في باقي بلدان شمال أفريقيا وهذا راجع إلى تقدم تعليم المرأة في هذا البلد على الآخرين‘ كما أن بلدان المغرب و الجزائر و مصر لهم نفس نمط الخصوبة تقريبا و يتقاطعون مع تونس في نقطة مشتركة بينهم جميعا ألا وهي كونهم بلدانا يعيشون ما يسمى المرحلة السكانية الانتقالية؛ أما ليبيا و موريتانيا فهما بلدان لا يزالان يعرفان خصوبة مرتفعة و هو ما يعني أن هذين البلدين يشجعان الخصوبة و ذلك راجع ربما لكونهما بلدين حيث السكان قليلون مقارنة مع البلدان الأخرى و لا يرغبان في نهج سياسة التخطيط العائلي أو على الأقل تأثيرها محدود جدا. و يلاحظ أيضا أن الدخل الفردي باعتباره مؤشرا قويا على مستوى التنمية لا يساير هي هده البلدان انخفاض الخصوبة. فليبيا مثلا دولة غنية لكنها تعرف خصوبة مرتفعة و كدلك الجزائر حيث الدخل الفردي مرتفعا عن باقي دول شمال أفريقيا فخصوبتها تفوق خصوبة تونس ذات الدخل الفردي الأدنى منها‘ و الواقع أن ارتفاع الدخل الفردي في هذين البلدين لا يعبر عن التنمية لأنه دخل يعزى أساسا إلى عائدات البترول و الغاز و إلى اقتصاد الريع.

    يظهر من بعض المؤشرات السكانية الحالية أن بلدان تونس و المغرب و الجزائر قد استكملت سنة 2012 المرحلة الثالثة من الفترة السكانية الانتقالية بحيث انخفض فيها مؤشر الخصوبة المركب إلى تحت 3 أطفال لكل امرأة‘ لكن يبقى السؤال مطروحا هل هناك تغيرا في بنية الزواج و المرور من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية مع البقاء على مستوى مرتفع للزواج أم هناك انخفاض للخصوبة بسبب التراجع السريع للزواج بفعل عوامل اقتصادية ظرفية ؟
    يشكل سكان المغرب و الجزائر و مصر معظم سكان بلدان شمال أفريقيا و هي اليلدان حيث مؤشر الخصوبة المركب متقارب جدا و هذا له دلالته بحيث أن تراجع الخصوبة في هذه البلدان يعزى إلى تظافر مجموعة من العوامل و من أبرزها الاكراهات الاقتصادية و الاجتماعية التي تعرفها هذه البلدان في ظل تنمية اقتصادية بطيئة كالعزوف عن الزواج بسبب البطالة في أوساط الشباب و ارتفاع السن الأول للزواج بفعل التعليم الذي أصبح يشمل كلا الجنسين بنسب مهمة.
    من وجهة نظر علم السكان يمكن تحليل و تفسير المرور من مستوى مرتفع إلى مستوى منخفض للخصوبة بسبب التقلص الحاصل في الحصة النهائية من الأطفال لكل امرأة متزوجة و التي تراجعت من 7 أطفال إلى أقل من 3 أطفال‘ كما أن انخفاض الخصوبة يصبح ممكنا عندما تكون الولادة في سن غير مبكر أو يرتفع السن الأول للزواج.






      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 6:52 am